“قانون مكافحة الإرهاب” وحركاته الموسمية في تركيا

جو حمورة

نشر أولاً على موقع المفكرة القانونية

Screen-Shot-2015-03-31-at-2.53.08-PM-640x480

أثارت الانفجارات الأخيرة التي وقعت في العاصمة التركية أنقرة انطباعاً بأن الإرهاب المستشري في محيط تركيا قد انتقل إليها. وكان سبق هذه الانفجارات التي وقعت في وسط تجمّع لأحزاب كردية وحركات يسارية ونقابية في 11 تشرين الأول / أكتوبر الحالي، انفجار آخر وقع، قبل أشهر قليلة، وسط تجمّع للقوى السياسية نفسها في مدينة “سوروتش” التركية.

وذهب ضحية الانفجار في مدينة “سوروتش” 30 شخصاً من الناشطين الأكراد واليساريين، في حين أودت انفجارات أنقرة بحياة ما يُقارب المئة منهم[1] . وفضلاً عن الرقم المرتفع للضحايا في كِلا التفجيرين، تشابه مطلب التجمعين على وقف الحرب التركية الجوية على القوى الكردية في سوريا، بالإضافة إلى تشابه الإتهامات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة حول تدبير الإنفجارات بعد وقوعها.

الإرهاب يضرب كل مكان، وليست تركيا بمنأى عنه، خصوصاً أن تاريخها الحديث شهد الكثير من العمليات الإرهابية المتنوعة، كما على نشاط العديد من التجمعات التي استخدمت العنف والقتل والانفجارات والاغتيالات السياسية كأدوات للنضال السياسي. وتتميّز تركيا، على عكس العالم المحيط بها، ربما، بتنوّع العقائد السياسية والإيديولوجية للقوى المصنّفة بالإرهابية في القانون التركي. فلا تقتصر تصنيفاتها على القوى ذات التوجهات الدينية وتحديداً تلك المشَبّعة بالعقائد الإسلامية المتشدّدة.

ويتميّز الإرهاب ذو الهوية التركية بسِمات خاصة. فهو، أولاً، متعدد المشارب الفكرية حيث لكل من اليسار واليمين والقوى الإسلامية والإثنية الكردية تنظيماتها الإرهابية. كما أن عمل المنظمات الإرهابية التركية، ثانياً، هو موسمي، حيث لا يمثل كل تجمّع إرهابي حالة مستدامة قائمة بذاته وله عملياته الدائمة، إنما يعمل كل منها بهدوء ووفق توقيت متباعد بين عملية إرهابية وأخرى.

قانون مكافحة الإرهاب” التركي الفضفاض

ارتكزت الجمهورية التركية منذ قيامها على مفهوم أولوية الأمن على أي أمر آخر. فكانت السياسات التي اعتمدتها والقوانين التي أقرّتها وطبقتها تقدّم المعايير والغايات الأمنية على حساب مفاهيم الحريات العامة وحقوق الإنسان. فكانت القوى العسكرية والعلمانية التي حكمت تركيا بشكل فعلي حتى العام 2002 تهدف دائماً إلى إقرأ المزيد

السيطرة على السلطة القضائية التركية: قضية فساد أبناء الوزراء نموذجاً

جو حمورة

نشر أولاً على موقع المفكرة القانونية

justice

تشكّل “عملية 17 ديسمبر” قضية نموذجية تسلّط الضوء على سعي الحكومة التركية للسيطرة على السلطة القضائية، كما تكشف الغطاء عن الصراعات المتشعبة الدائرة بين القوى الإسلامية التي تملك النفوذ الأكبر داخل أجهزة الدولة. فمع نهاية العام 2013، ظهرت في تركيا قضية قضائية – سياسية أدت إلى انهيار التحالف ما بين أقوى قوتين إسلاميتين فيها، الأولى يرأسها الحزب الحاكم، والثانية يديرها الداعية الإسلامي “فتح الله غولن” ذات النفوذ القوي داخل أجهزة الشرطة والقضاء والإعلام.

وتمخّضت العديد من النتائج جرّاء هذه القضية، حيث تمّ فضح عمليات تزوير مالية وفساد طالت أصحاب أعمال أتراكاً وإيرانيين وأبناء بعض الوزراء، ما أسفر عن استقالة ثلاثة منهم من الحكومة التركية، ومن ثم إبطال الملاحقة القانونية بحق المتهمين. كما أدت “عملية 17 ديسمبر” لاحقاً إلى تسريح ونقل المئات من عناصر الشرطة وأجهزة القضاء، بالإضافة إلى زيادة الضغط على الوسائل الإعلامية الخارجة عن سيطرة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم.

وعلى الرغم من مرور عامين تقريباً على هذه القضية، إلا أن أحداثها لا تزال تتفاعل حتى اليوم، وتشكل غالباً مادة دسمة للعمل السياسي والمعارضة. كما أنها تضيئ على تطورات وحالة حكم القانون واستقلالية القضاء شبه المعدومة التي وصلت إليها تركيا في السنوات الأخيرة. في حين كانت آخر هذه التطورات توقيف القاضي “سليمان كاراتشول” الذي كان مسؤولاً عن قبول لائحة الاتهام في قضية “عملية 17 ديسمبر”، وذلك في تهمة الانتماء إلى منظمة غير قانونية ومحاولة إسقاط الجمهورية التركية[1] . فكيف تحول القاضي المولج محاكمة الفاسدين إلى موقوف ومتهم؟ وكيف تدخّلت السلطة التنفيذية في شؤون تلك القضائية من أجل الإفراج عن أبناء الوزراء وأصحاب الأعمال؟

دولة ضمن الدولة” تفضح فساد مقربين من الحكومة

مع إنتهاء مظاهرات ميدان “تقسيم” في صيف العام 2013، بات الحزب التركي الحاكم أكثر تصميماً في سعيه لزيادة تأثيره على المجتمع، كما وتعزيز نفوذه في مختلف أجهزة الدولة، خصوصاً وأن بعض هذه الأجهزة رفضت أوامر الحكومة في الانقضاض على المتظاهرين أو التقيّد بتوجيهات السلطة التنفيذية. فجاءت البداية بإصداره أمراً بإغلاق المدارس التابعة إقرأ المزيد