نشر أولاً على موقع المفكرة القانونية
أثارت الانفجارات الأخيرة التي وقعت في العاصمة التركية أنقرة انطباعاً بأن الإرهاب المستشري في محيط تركيا قد انتقل إليها. وكان سبق هذه الانفجارات التي وقعت في وسط تجمّع لأحزاب كردية وحركات يسارية ونقابية في 11 تشرين الأول / أكتوبر الحالي، انفجار آخر وقع، قبل أشهر قليلة، وسط تجمّع للقوى السياسية نفسها في مدينة “سوروتش” التركية.
وذهب ضحية الانفجار في مدينة “سوروتش” 30 شخصاً من الناشطين الأكراد واليساريين، في حين أودت انفجارات أنقرة بحياة ما يُقارب المئة منهم[1] . وفضلاً عن الرقم المرتفع للضحايا في كِلا التفجيرين، تشابه مطلب التجمعين على وقف الحرب التركية الجوية على القوى الكردية في سوريا، بالإضافة إلى تشابه الإتهامات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة حول تدبير الإنفجارات بعد وقوعها.
الإرهاب يضرب كل مكان، وليست تركيا بمنأى عنه، خصوصاً أن تاريخها الحديث شهد الكثير من العمليات الإرهابية المتنوعة، كما على نشاط العديد من التجمعات التي استخدمت العنف والقتل والانفجارات والاغتيالات السياسية كأدوات للنضال السياسي. وتتميّز تركيا، على عكس العالم المحيط بها، ربما، بتنوّع العقائد السياسية والإيديولوجية للقوى المصنّفة بالإرهابية في القانون التركي. فلا تقتصر تصنيفاتها على القوى ذات التوجهات الدينية وتحديداً تلك المشَبّعة بالعقائد الإسلامية المتشدّدة.
ويتميّز الإرهاب ذو الهوية التركية بسِمات خاصة. فهو، أولاً، متعدد المشارب الفكرية حيث لكل من اليسار واليمين والقوى الإسلامية والإثنية الكردية تنظيماتها الإرهابية. كما أن عمل المنظمات الإرهابية التركية، ثانياً، هو موسمي، حيث لا يمثل كل تجمّع إرهابي حالة مستدامة قائمة بذاته وله عملياته الدائمة، إنما يعمل كل منها بهدوء ووفق توقيت متباعد بين عملية إرهابية وأخرى.
“قانون مكافحة الإرهاب” التركي الفضفاض
ارتكزت الجمهورية التركية منذ قيامها على مفهوم أولوية الأمن على أي أمر آخر. فكانت السياسات التي اعتمدتها والقوانين التي أقرّتها وطبقتها تقدّم المعايير والغايات الأمنية على حساب مفاهيم الحريات العامة وحقوق الإنسان. فكانت القوى العسكرية والعلمانية التي حكمت تركيا بشكل فعلي حتى العام 2002 تهدف دائماً إلى إقرأ المزيد