نشر أولاً على موقع المفكرة القانونية
لم يتوقع الكاتب الأميركي، “نعوم تشومسكي”، أنّ توقيعه على عريضة تطالب السلطة التركية بانتهاج سياسات أكثر سلمية تجاه الأكراد، ستؤدي للزجّ بزملائه الأتراك في السجن. ففي العاشر من شهر كانون الثاني/ يناير، شارك “تشومسكي”، ومجموعة من الأكاديميين الأجانب، وآخرون أتراك، بالتوقيع على عريضة تدعو إلى إيجاد حلّ سلمي للحرب الدائرة بين حزب “العمال الكردستاني” والجيش التركي.
فمنذ أواسط شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي، وحتى نهاية الشهر الأول من العام 2016، ذهب ضحية الاشتباكات الدائرة في جنوب شرق تركيا حوالي الألف شخص، معظمهم من المقاتلين والمدنيين الأكراد. فيما كانت دعوات الأكاديميين الأجانب، والأتراك، دون صدى في أروقة أنقرة السياسية، حيث لم تبدِ السلطات أي اكتراث للأخذ بآرائهم لحل “المسألة الكردية”، إنّما عَمدت إلى معاقبتهم بذريعة أنّهم “يدعمون الإرهاب”.
أكثر من أربعة آلاف أكاديمياً يواجهون، اليوم، عقوبات وتحقيقات وضغوطات معنوية، لأنهم أقدموا على عملٍ يُناقض رؤية السلطة لكيفية إدارة الصراع مع الأكراد ومقاتلي “العمال الكردستاني”. فيما تشي الخطابات والمواقف المتلاحقة من ساسة الحزب التركي الحاكم إلى المدى الذي وصلت إليه السلطة في معاقبة كل مخالف لرأيها.
وتراوحت الضغوطات التي طالت الأكاديميين بين التحقيقات القضائية من جهة والإنتقادات السياسية من جهة أخرى. كما تمّ السعي إلى تشويه صورتهم عبر وسائل الإعلام بأكثر من طريقة. إلا أنّ تناول قضية الأكاديميين بقسوة، ولأكثر من مرة، على لسان رئيس الجمهورية التركية “رجب طيب أردوغان”، قد أبرز مسألةً تتعدّى حدود معاقبة مجموعة من الأكاديميين لا يدورون في فلك السلطة.
فقد شهدت تركيا، خلال السنوات القليلة الماضية، تدخّلاً للحزب الحاكم، عبر الحكومات التي سيطر عليها، في الشؤون الثقافية، محاولاً تأطير الثقافة العامة حسبما يرى ويؤمن. فليس ببعيد عن تعزيز الارتباط بين أتراك اليوم والتاريخ العثماني، وإعادة إحياء الثقافة العثمانية والإسلامية في مجتمع ذي هوية إقرأ المزيد